عندما حاولت السفارة الأميركية التدخل بانتخابات نقابة الصحفيين!
إعداد: فريق دار الإعلام العربية
كغيرها من الانتخابات، عادة ما يصبغ التوتر الماراثون الانتخابي لنقابة الصحافيين في مصر، وسط شد وجذب ومنافسة حامية الوطيس عادة ما تنحصر بين جبهتين أساسيتين تمثلان في بعض الأحايين توجهات فكرية وسياسية مختلفة من داخل الجماعة الصحافية. وعلى مدار تاريخ قلعة الحريات، زخرت كواليس العملية الانتخابية بأسرارٍ وحكايات مثيرة، بعضها تم الكشف عنها والبعض الآخر مات برحيل أبطالها الرئيسيين.
واحدة من تلك الحكايات الصحافية المرتبطة بانتخابات النقابة، كشفها الاستاذ حسين فهمي، الذي شغل منصب النقيب في خمس دورات، كان آخرها في العام 1962. والذي تحدث عن واقعة تدخل مستشار بسفارة الولايات المتحدة الأميركية لدى القاهرة في الانتخابات التي أجريت في العام 1955 بعد ثورة يوليو، وقد نما ذلك التدخل إلى علم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والذي اتخذ قراراً حاسماً آنذاك.
القصة كما يرويها فهمي -في الحوار الذي أجرته معه مجلة أكتوبر في الصفحة 51 من عددها الذي يحمل رقم (760) الصادر يوم الأحد الموافق 19 مايو من العام 1991، أفضت إلى مظاهرة مناوئة للاستعمار الإنجليزي داخل مقر النقابة، بعد فوزه (فهمي) منتصراً على تلك التدخلات.
يقول فهمي: “رشحت نفسي قبل الثورة عضواً بمجلس النقابة قبل أن أرشح نفسي نقيباً، وكان برنامجي الانتخابي الذي أعلنته هو إخراج أصحاب الصحف من النقابة، وإصدار تشريع بعودة الصحافيين، وتحديد ساعات العمل والأجور، وهو ما جاء في عقد العمل الصحافي بعد ذلك، والذي صدر في عهد رئاستي للنقابة (..) سقطت في هذا العام في انتخابات العضوية بفارق صوت واحد”.
“لكن بعد قيام الثورة، وبالتحديد في العام 1955 وبعد أن أخرجنا أصحاب الصحف من النقابة، وأصبح النقيب ينتخب من الصحافيين، حدث أيامها تدخل من المستشار الصحافي بالسفارة الأميركية، فقد كان المستشار الأميركي يجلس أمام الكنيسة المواجهة للنقابة يتابع عن كثب سير العملية الانتخابية وفرز الأصوات”.
ويواصل نقيب الصحافيين الأسبق روايته قائلاً: “بعض كبار الصحافيين وقتها أفهموا عبدالناصر أنني من المستحيل أن أنجح في منصب النقيب.. فلما أُعلنت نتيجة الانتخابات بيني وبين جلال الحمامصي وقتها حملوني على الأعناق، وهتفوا عاش حسين فهمي ويسقط الاستعمار”.
ويكشف فهمي في حواره المشار إليه عن موقف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عندما علم بمسألة المستشار الأميركي، ويقول: “عبد الناصر ما إن علم بموضوع المستشار الأميركي حتى طرده من مصر؛ لأنه شخص غير مرغوب فيه، وعينته أميركا بعد ذلك في إيران”.
استخدم عضو مجلس قيادة الثورة صلاح سالم، ذلك الموقف لشن هجومٍ على “الديمقراطية الغربية”، وهو ما يوضحه النقيب الأسبق في شهادته حينما ذكر الواقعة بقوله: “كان وقتها صلاح سالم في زيارة لإحدى الدول الأجنبية وألقى كلمة هناك قال فيها: إنكم تتحدثون عن الديمقراطية، فأين الديمقراطية إذن وأميركا تتدخل في إحدى النقابات المهنية في مصر؟!”.
إضاءة:
حسين فهمي هو أكثر من تولى منصب نقيب الصحافيين، لخمس مرات. خاض عديداً من المعارك، من بينها معركة إخراج أصحاب الصحف من النقابة، ومعركة عقد العمل الصحافي الذي يحفظ كرامة الصحافي، ومعركة الحد من طغيان الإعلان على المادة التحريرية.
عهد إليه الرئيس جمال عبدالناصر بتأسيس جريدة الجمهورية، ولكنه اختلف مع السادات، فقدم استقالته، ثم عهد إليه عبد الناصر ثانية بتأسيس جريدة الشعب، ثم رأس تحرير جريدة الأخبار.
واجه حسين فهمي تهمة محاولة قلب نظام الحكم في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات وحفظ القضاء القضية.