حكايات صاحبة الجلالةمحتوى

حكايات صاحبة الجلالة.. عندما أراد السادات تحويل نقابة الصحافيين إلى “نادي”

إعداد/ فريق دار الإعلام العربية

مرّت العلاقة بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات والصحافيين بمراحل مختلفة، من الوئام وحتى الانفصال، فالرئيس الراحل الذي اعتبر أن الصحافة “سلاحه الأول” كما كتب في دفتر النقابة، هو نفسه الذي سجّل عصره اعتقال عديد من الصحافيين والتضييق عليهم وشن هجوم مستمر ضد من وصفهم ذات مرة بـ “أعضاء حزب الحديقة” نسبة إلى مناقشات واجتماعات الصحافيين في حديقة النقابة بالمبنى القديم.

عبّر السادات في غير موقف عن غضبه الشديد من بعض الأقلام التي تهاجمه في الصحافة، لا سيما الصحافيين المصريين الذين يكتبون لصحف أجنبية، وحاول “نزع الغطاء القانوني والشرعي للصحافيين” بأن يقوم بتحويل النقابة إلى “نادي” أو “مقهى اجتماعي” على خلفية ذلك الهجوم الذي يتعرض له.

كان ذلك في العام 1979، وهو العام سجل واحدة من أكثر المواقف إثارة للجدل فيما يخص علاقة الرئيس السادات بالصحافيين، حينما اتجه الرئيس الراحل إلى تحويل النقابة إلى “نادي اجتماعي”، وهو التوجه الذي عارضه بشدة شيوخ المهنة، حتى أرغموا السلطة على التراجع عن ذلك القرار.

في تلك الفترة، كانت لجنة خاصة شكلها مجلس الشعب برئاسة د. صوفي أبو طالب حينها، تقوم بإعداد مشروع قانون كامل للصحافة.

وتقول الدكتورة ليلى عبد المجيد في كتابها حرية الإعلام المعاصر.. الحقوق والمسئوليات : “(..) لقد تخوف الصحافيون وقتها من إجراء أية تعديلات في قانون نقابتهم أو مساس بجدولها؛ خاصة وأن تلك الفترة شهدت شكوى مستمرة من جانب النظام الحاكم وقتها من الصحافيين المصريين الذين يكتبون لصحف أجنبية، وكان النظام يلح على النقابة أن تطردهم أو تحيلهم للمعاش، مما شكل أزمة في العلاقة بين النظام ونقابة الصحافيين ولم تكف الحكومة والرئيس الراحل أنور السادات نفسه عن توجيه اللوم للنقابة على تخاذلها في عقاب هؤلاء الصحافيين”.

“بلغت هذه الأزمة ذروتها بما تردد حول تحويل النقابة إلى ناد مثل نادي القضاة، كل دورها تقديم الخدمات والرحلات والأنشطة لأعضائها العاملين والمعاشات لأعضائها المتقاعدين.. وبرر الرئيس أنور السادات نفسه ذلك بأن الصحافة بقانونها الجديد لم تعد مجرد مهنة تنظمها نقابة بل أصبحت سلطة كالسلطة القضائية.. وأثار هذا رد فعل عنيف وحاد في الأوساط الصحافية، مما أدى إلى تراجع النظام الحاكم عن اتخاذ أية إجراءات خاصة بالنقابة”.

شيوخ المهنة

الرئيس السادات الذي دلل الصحافيين فترة نكاية في الناصريين وهيكل وسمح بالصحف الحزبية – على حد تعبير الكاتب الصحافي محمد علي إبراهيم -في المقال المنشور له بصحيفة المصري اليوم في 3 سبتمبر 2017 انقلب وقال للديمقراطية أنياب وأظافر وسمى معارضيه “الأراذل” وسجن صحافيين في سبتمبر 1981 وقبلها نقل عشرات منهم إلى شركات عامة مثل بيع المصنوعات وباتا وغيرها.. وتمادى الزعيم وقرر تحويل نقابة الصحافيين إلى ناد مثل نادى القضاة وأسند المهمة لصديقه شيخ الصحافيين وقتها حافظ محمود، لكن حافظ رفض وقال له “مينفعش يا ريس” وأيده للغرابة أصفياء السادات موسى صبرى وأنيس منصور.

“عجوز” يغلب السادات

“عارضت السادات علناً في تحويل النقابة إلى نادٍ”.. في حوار أجرته مع مجلة أكتوبر في 28 أبريل 1991 وحمل هذا العنوان، استذكر الكاتب الصحافي الراحل حافظ محمود (الذي شغل منصب نقيب الصحافيين أربع مرات متتالية)، تلك الواقعة التي قاوم فيها محاولات الرئيس السادات لتحويل النقابة إلى نادي، وتحدث عن لقاء جمعه والرئيس السادات في شهر أغسطس 1979، عندما دُعي إلى مائدة الإفطار في شهر رمضان بفندق فلسطين في المعموة رفقة الرئيس الراحل.

“دعاني الوزير منصور حسن على الإفطار في فندق فلسطين، وعلى المائدة طلب مني أن ألقي كلمة في اللقاء مع السادات، فقلت له يمنعني سببان: الأول أنني لست النقيب (فكان النقيب وقتها علي حمدي الجمال) وثانياً أنه ليس لي مجال للحديث..  ثم بدأ الاجتماع وبدأ السادات يشتم الصحافيين المصريين الذين كانوا يشتمون مصر في الصحف العربية، ثم قال وما دمتم ساكتين عليهم تبقوا بترتكبوا نفس الجريمة!”.

وتابع: قلت لعلي الجمال وكان يجلس بجواري: “لابد أن ترد على السادات في هذه العبارة ولا تفوتها أبداً”، ولكن علي الجمال تكلم وكان مضطرباً بسبب ما حدث يومها، حيث قرر السادات أن تتحول نقابة الصحافيين إلى نادٍ، فطلبت الكلمة ووافق السادات، فقلت له: “لا شك أنك قمت بدور إعلامي كبير، فلا أحب أن تخسر هذا الدور الإعلامي بأنك تشتم الصحافيين..  ثم مم تغضب؟ من 20 صحافياً يهاجمون مصر في الخارج؟ كم يمثلون هؤلاء من الصحافيين ونحن الآن ألفان؟ “.

“ثم قلت له ألا تذكر أنك كتبت في دفتر النقابة بخط يدك أن الصحافة سلاحك الأول، فتأتي بعد ذلك بسنوات وبأجيال لتقول اليوم إن الصحافة سيئة.. فقال لي السادات: وماذا أفعل إذن؟ قلت: تعمل لجنة من الصحافيين مادمت تعتبر الصحافة سلطة فإنه لا يجوز أن تتدخل فيها بسلطة أخرى؛ لأن هناك مبدأ دستورياً بالفصل بين السلطات، ولذلك يجب عمل لجنة من الصحافيين فقال على شرط أن تضم مستشارين ومؤرخين”.

فإذا بالسادات يهدأ بعد أن كان يضرب بيده على المائدة وفي ثورة عارمة يشتم فيها الصحافيون.. فنظر إلى الصحافيين من حوله وقال: “شايفين الناس القدامي اللي عندهم أصالة.. أهو الراجل العجوز غلبني”.

اعتصام الطلاب

شهادة أخرى عن تلك الفترة يرويها نقيب الصحافيين الراحل مكرم محمد أحمد، ونقلتها عنه صحيفة الوطن بتاريخ 25 ديسمبر 2018  قال فيها: “تصور الرئيس السادات خطأ أن مجلس نقابة الصحافيين متواطئ مع طلاب الجامعة المعتصمين آنذاك، وظن أننى ويوسف إدريس ساندناهم.. رُحنا له وقدمنا له عريضة ووضحنا له الموقف وقال إنه سيتحقق من صدق أقوالنا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى